بصوته الأجش قال للخادمة: بعض القهوة لو سمحتي
الخادمة: ألا تريد افطارك اليومي
غيث: لا
أخذ بعض الكتب فتح الصفحة الأولى تنهد وضع الكتاب على الطاولة
حرك عجلات كرسيه المتحرك وأقترب من النافذة شعر باختناق
كاد أن يبكي لكنه لايرغب بذلك
نظرت باستسلام هممت أن أدخل غرفته قبل ذهابي للعمل في لحظة تراجعت
لن أفسد عليه خلوته فربما عسر المزاج يرافقه هذا الصباح خرجت للعمل وأنا قلقة عليه آلاف المرات وضعت نفسي مكانه تخيلت نفسي بكرسيه المتحرك وأغوص في تلك الكتب والنافذة هي المتنزه الوحيد كيف سأكون!
في شمس الظهيرة عدت للمنزل رأيت غيث نائم بعمق ملامحه كالهارب من الواقع
ذهبت لغرفتي أشيائي المتناثرة يمينا وشمالا لم يكن يسعني الا أن اعبر فوق الفوضى الأصل الى سريري وأرمي بنفسي عليه
اليوم التالي في نهار الجمعة أنهيت صلاة الظهرين وتوجهت لغرفة غيث
وجدته أمام النافذة وينعكس شعاع الشمس على وجهه
نظر الي وابتسم جلست بجانبه
:غيث فيما كنت شارد الذهن؟!
غيث تلاشت ابتسامته تدريجيا:أتذكرين يوم الحادث حين قال أبي غيث أنتبه الأختك حواء
تنفست الصعداء وقلت:أجل
ماللذي يجعلك تسرح في الحادث الآن؟؟
غيث: عمي يطالبنا بالارث
فتحت عيني بقوة: ألم يأخذ نصيبه!!!
غيث: بلى ياحواء لكنه يطمع في أن يسلبنا المال والمنزل
حواء: يالها من فظاعة ألسنا أبناء أخيه بمثابة أبنائه!!
غيث: الطمع أعماه
حواء: ماذا سنفعل؟؟
غيث: لاسبيل الا المحكمه
حواء بأسى:المحكمة
غيث: لابد من هذا لن أتركه يسلبنا حقنا
الساعة 1 منتصف الليل جالسه على طرف السرير أفكر بكلام غيث
شعرت بالعناد والاصرار في عيون غيث وكأنه يريد أن يثبت أنها ليست نهاية العالم حين أصابه شلل نصفي نتيجة الحادث وأنه قادر على مواجهة التحدي
غيث تقريبا فقد الحياة نتيجة اصابته بالشلل انغمس بين الكتب وامام النافذة
تخلت عنه خطيبته بعد أن عرفت ان الشلل عاهة مستديمة ولايمكن أن يعود للمشي
بعد عدة أيام أخبرني غيث بقراره بوضع محامي كان صديقا مخلصا الأبي ونثق أنه لن يطمع بالمال أو يطمع بأكثر من حقه
اليوم التالي
غيث في غرفة الضيوف مع المحامي
غيث:كل الأوراق تثبت أنه أخذه نصيبه بالكامل
المحامي: أجل أعلم لكنه يستطيع أن يتحايل على القانون
غيث: كيف!!
المحامي بارتباك: مثلا أن يحتج بأنك مقعد ولاتستطيع ادارة الأملاك وبالتالي لاتستطيع الحفاظ عليها
غيث: الوكالة عندي لكنني أستطيع تحويلها الى حواء أختي فما حجته؟؟؟
المحامي: غيث لاتغضب مني اعتبرني مثل والدك أنا أتوقع اسوأ الاحتمالات فقط أعلم أن ماأصابك لم يعيقك عن شيء أنا أتوقع من عمك أشياء كثيرة وربما حتى يصل الى المال بطرق غير شرعية عمك وأباك ضدان لايجتمعان أحيانا لاأصدق أنهما أخوين أباك كان يساعد الناس ولايعير المال اي اهتمام عمك من أخذه الطمع والجشع يجب أن نكون حذرين
بعد نقاش طويل خرج المحامي جلست مع غيث أسأله الى ماذا وصلوا
غيث: يوم الأحد الأسبوع القادم يجب أن نكون نحن الاثنين في المحكمة
حواء بقلة صبر: سأذهب الاعداد الطعام
على المائدة حواء مطأطأة رأسها ضجرا من اللذي يحدث وغيث عيناه تلمع من شدة سرحانه ربما حواء تمتلئ ضجرا وتريد أن تنتهي الأمور بسرعه أما غيث لم ينفذ صبره بل انه كاللذي يرسم خارطة بناء ببراعه ربما شعوره أن هذا حقهم كرهه اللذي بدأ يتسلل الى قلبه تجاه عمه والسبب الرئيسي اثبات للعالم أنه مازال قادرا على أن يتحداهم حتى وهو على كرسي بعجلات
يوم الأحد صليت الفجر وذهب الأرى غيث كان ساجدا على طاولته الخشبية كنت أترقبه من باب غرفته أعلم أنه يعلم بوجود غيث شديد الاحساس وقوي الملاحظة أمسك بطرفي طاولته بعنف وضرب رأسه على الطاولة
رفع رأسه وقال بحزم الى أين يريد الوصول هذا الرجل
ضرب بقبضة يده على الطاولة
حواء: غيث أخي أهدأ فالحق معنا
غيث يتنهد بقلة صبر
حواء وهي تجلس مقابل غيث:الساعه 8 سنكون في المحكمة ولاتنسى ان المحامي معنا
غيث: هذ مايطمئنني أن المحامي كان صديقا الأبي والى الآن لم ينساه
غيث سرح بعينيه نحو النافذة وأنا أنظر اليه شعرت بقهر داخله ربما الأنه شعر أن عمي تمادى في تحديه استغلالا في أن غيث مقعد
بعد نقاش مطول حاولت طمئنة غيث وذهبت الأعد الفطور والشمس تزف خيوطها الذهبية والشمس تعلو وتعلو في تلك اللحظات كانت عقارب الساعه بالنسبة لغيث تشعره بأن المعركة تقترب وتقترب
الساعه 8 عند مدخل المحكمة أنا أقود غيث وأحاول معرفة تعابير وجهه
في داخل المحكمة عمي كان ينظر الينا بتحدي اما غيث فكان يشعره بأنه لايساوي مثقال ذرة فكان متجاهلا وجوده اصلا
انتهت الجلسة ولم نصل الى شيء فتم تحديد موعد جلسة اخرى بعد ثلاثة اسابيع
في المنزل
غيث يقرأ رواية وربما كانت محاولة منه لتشتيت تفكيره الدائم بالتحدي
انتهى اليوم ولم احاول محادثة غيث الانني شعرت انه يريد الهدوء ومحاولة النسيان ليرتب افكاره
تمضي الأيام وغيث بين اليأس والأمل فأحيانا أرى أشباه ابتسامه على شفتيه وكأنها ابتسامة انتصرى وأخرى أرى خمولا يعتريه وكأن قد أستسلم كان لايتطرق كثيرا للموضوع الأنه تعب كثيرا من صراعاته فكنت عندما اجلس معه يتحدث معي في أي شيء آخر
يوم الأثنين
بقي ثلاثة أيام على الجلسة
غيث يجلس مع صديقه المقرب يزن في غرفة الضيوف
يزن: هل أنت مستعد للجلسة القادمة؟
غيث: لاأعلم
يزن: مابك؟
غيث: لاأدري لكنني أشعر أني مللت كل شيء يزن أنا أحاول أثبت للعالم أنني مازلت قادر ولكن أحيانا أشعر أنني أثبت لنفسي وليس للعالم
يزن: أنت ربما تحاول الاثبات لنفسك الأن العالم يراك عاجز وفي الحقيقة أن كرسيك لم يعجزك ياغيث انما هي نظرة العالم فقط
غيث بارتباك: يزن أنا أختنق كلما خرجت ورأيت الناس تحدق في هذه العجلات كأنني كائن آخر
يزن: حين تراك الناس تمارس حياتك بشكل طبيعي لن ترى تلك النظرات
فأنا مثلا لاأنظر اليك بتلك النظرة الأنني أراك شخص طبيعي
(ماأصعب أن تصبح تائها بين حلم لايكتمل وواقع لايحتمل) "عبارة مقتبسة"
الجمعة وأنا أقود غيث الى المحكمة
وسط الزحام وغيث جامد وصلب متماسك ولكن يعتريه قليل من اليأس
أنتهت الجلسة وحكم القاضي بعدم احقية عمي للمال وأنه أخذ نصيبه بالكامل
نظر عمي الى غيث بغضب رد غيث نظرته بنظرة استهزاء وابتسامة سخرية
في المنزل غيث ينظر من النافذة ويزن على يجلس على طرف سرير غيث
يزن: ألم تثبت للعالم بعد؟
غيث: لم ولن أثبت
(لم نعد قادرين على اليأس أكثر مما يئسنا) "محمود درويش"
.gif "مُؤسس كلاسيك لايف")
.gif "عضو مشارك")
