الركن السادس في الإيمان هو الإيمان بالقدر خيره وشره .. والقدر : هو تقدير الله عز وجل للأشياء ..
وقد كتب الله مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسون الف سنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إنَّ اللَّهَ قدَّرَ مقاديرَ الخلائقِ قبلَ أن يخلقَ السَّمواتِ والأرضَ بخمسينَ ألفَ سنةٍ وَكانَ عرشُهُ على الماء
الراوي: [عبدالله بن عمرو] المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 18/232
خلاصة حكم المحدث: صحيح
قال تعالى : " أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" ﴿الحج 70
ووصف القدر بالخير الأمر فيه ظاهر ,أما وصفه بالشر فالمراد به شر المقدور لا شر القدرالذي هو فعل الله ،
فإن فعل الله عز وجل ل س فيه شر ، فكل أفعاله خير و حكمه ، ولكن الشر في مفعولاته ومقدوراته ، وليس أفعاله
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " والشر ليس اليك " اخرجه مسلم في صلاة المسافرين .
فمثلا نحن نجد في المقدورات المخلوقات شرا ففيها الحيات والسباع و الأمراض العقارب والفقر والجدب .. الخ
كل هذه بالنسبة للإنسان شر لأنها لا تلائمه ، ومنها أيضا المعاصي والفجور و الكفر والفسوق و القتل وغير ذلك ،
و كل هذه شر ولكن بإعتبار نسبتها الى الله هي خير لأن الله سبحانه وتعالى لم يقدرها إلا لحكمة بالغة
عظيمة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها .
و أعلم أيضا أن هذا المفعول الذي هو شر قد يكون شرا في نفسه ولكنه خير من جهة أخرى :
قال تعالى " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿الروم 41)
النتيجة طيبة و على هذا فيكون الشر في هذا المقدور شرا إضافيا ، يعنى ليس شرا حقيقيا لأن هذا ستكون نتيجته خيرا .
و لنفرض حد الزاني مثلا : إذا كان غير محصن أن يجلد مائة و السفر عن البلد لمدة عام ،
هذا لا شك أنه شر بالنسبة اليه ، لأنه لا يلائمه ..
لكنه خير من وجه آخر لأنه يكون كفارة له ، فهذا خير له لأنه عقوبة الدنيا أهون من عقوبة الآخرة ،
و من خيره أنه ردع لغيره ..
فإن غيره لو هم أن يزني و هو يعلم أنه سيُفعل به مثلما فُعل بهذا ارتدع .
أما بالنسبة للأمور الكونية القدرية فهناك شيء يكون شرا بإعتباره مقدورا كالمرض مثلا..
لكن فيه خير .. وخيره تكفير الذنوب ..
قد
يكون الإنسان عليه ذنوب لم يكفرها الإستغفار و التوبة لوجود مانع ، مثلا لعدم صدق نيته مع الله عز وجل ،
فتأتي هذه الأمراض و العقوبات فتكفر هذه الذنوب .
و من خيره أن الإنسان لا يعرف قدر نعمة الله عليه بالصحة إلا إذا مرض ،
و من خيره أنه قد يكون في المرض أشياء تقتل جراثيم في البدن لا يقتلها إلا المرض ،
و كما قال الأطباء فهناك بعض الأمراض تقتل هذه الجراثيم التي في الجسد .